توفي اليوم، الجمعة 4 أفريل 2025، الكاتب والصحفي التونسي عادل الحاج سالم عن عمر ناهز 54 عامًا، بعد صراع مع المرض دام عدة أشهر. عُرف الحاج سالم بإسهاماته البارزة في مجالات الصحافة، الأدب، والترجمة، حيث عمل كمدرس وصحفي، وكان له دور فعّال في المشهد الثقافي التونسي. شغل منصب المشرف على موقع “الأوان” الإلكتروني، المهتم بنشر الفكر التنويري والعقلاني. كما كان له حضور مميز في الصحافة اللبنانية، حيث نشر مقالات في صحيفة “الأخبار”. في مايو 2023، أشارت المدونة التونسية خولة الفرشيشي إلى تدهور حالته الصحية، داعية الأصدقاء لزيارته ودعمه خلال أزمته.
أولاً: أعماله الأدبية والترجمات
من بين إسهاماته الأكثر بروزًا كانت ترجماته التي هدفت إلى جسر الفجوة بين الأدب العالمي والتراث العربي التونسي. فقد ترجّم عدة أعمال أدبية ساهمت في تعريف القراء التونسيين بعوالم أدبية جديدة، حيث كانت ترجماته تتميز بدقة الصياغة وعمق الفهم، مما أكسبها تقدير النقاد والمهتمين بالأدب. كانت هذه الترجمات ليست مجرد نقل كلمات، بل إعادة تأليف ثقافي حملت روح النص الأصلي مع لمسة محلية تبث فيه حياة جديدة.
ثانياً: المقالات والنقد الصحفي
في عالم الصحافة، كتب الحاج سالم مقالات نقدية تناولت قضايا سياسية واجتماعية معاصرة، إذ اعتبر النقد أداة لبناء مجتمع واعٍ. نشر في صحف كبرى مثل “الأخبار” اللبنانية، حيث استطاع بفضل أسلوبه التحليلي العميق أن يكشف التعقيدات الكامنة في العلاقة بين المواطن والسلطة. لم تكن مقالاته مجرد سرد للأحداث، بل كانت دعوة للتفكير الحر وإعادة النظر في المفاهيم التقليدية، مما جعله صوتًا فكريًا يحفّز على الحوار البنّاء.
ثالثاً: دوره في الحركة الثقافية وتنظيم الفعاليات
لم يقتصر عمله على الكلمة المطبوعة؛ فقد تجسد شغفه بالثقافة من خلال قيادته للأنشطة الثقافية في المكتبة الوطنية التونسية. هنا، أدار فعاليات أدبية ثقافية مثل ورش الكتابة والنقاشات الفكرية في فضاء “الخلدونية”، مجسدًا بذلك رؤية تجمع بين التراث وإشراقة الحداثة. كانت هذه اللقاءات بمثابة منصات حقيقية لتبادل الأفكار، حيث كان يستضيف أسماء أدبية بارزة ويساهم في رسم مستقبل الثقافة التونسية عبر دعم المواهب الشابة.
رابعاً: التحليل السياسي والإعلامي
على مستوى السياسة والإعلام، برز الحاج سالم كمحلل جريء وصريح. شارك في برامج تلفزيونية وندوات حية ناقش فيها التحديات الوطنية والإقليمية بجرأة لا تلين. أسلوبه كان يعتمد على توظيف النقد البناء، مؤكدًا أن النقد الحقيقي لا يُخضع الواقع بل يدعو لإعادة بنائه على أسس من العدالة والمعرفة.
عبر أعماله المتعددة – من الترجمات التي فتحت آفاق الأدب العالمي أمام القارئ التونسي، إلى المقالات النقدية التي أعادت صياغة مفاهيم السياسة والمجتمع، مرورًا بمبادراته الثقافية التي أضاءت سماء الفنون – يظل عادل الحاج سالم رمزًا فريدًا في تاريخ الثقافة التونسية. إرثه لا يقف عند صفحات الكتب والمقالات، بل يستمر في إلهام كل من يسعى للجمع بين أصالة الماضي وروح التجديد المستقبلي.