No Widgets found in the Sidebar

 

 

 

مقال تفسيري:بقلم جراز بالحاج علي 

رغم التقدّم العلمي وتوفر وسائل التثقيف الرقمي، ما تزال العدوى المنقولة جنسياً تنتشر بصمت بين الأفراد، لتشكل خطرًا حقيقيًا على الصحة العامة، خاصة في المجتمعات التي ما تزال تعتبر الحديث عن هذه القضايا من المحرّمات. ففي ظل غياب التثقيف الجنسي وندرة المعلومة الدقيقة، تُترك فئات واسعة، وخاصة الشباب، دون حماية حقيقية.

 العدوى المنقولة جنسياً (Sexually Transmitted Infections – STIs) تُعرَّف بأنها حالات تُنقل من شخص إلى آخر عن طريق الاتصال الجنسي، وقد تشمل أنواعًا من البكتيريا أو الفيروسات أو الطفيليات. وغالبًا ما تمر هذه العدوى دون أعراض، وهو ما يزيد من انتشارها دون وعي من المصاب أو المحيط به.

 

 لكن هل نقول عدوى أم مرض؟

 على خلاف ما هو شائع، فإن استخدام مصطلح “أمراض منقولة جنسياً” (STDs) لم يعد دقيقًا، لأنه يوحي بظهور أعراض ومضاعفات. أما “عدوى منقولة جنسياً”، فهو المصطلح الذي باتت تفضّله المنظمات الصحية الدولية، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، لأنه يشمل الحالات التي لا تُظهر أعراضًا ظاهرة، ولا يحمل نفس الوصم الاجتماعي. وقد أكدت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من مليون شخص يُصابون يوميًا بعدوى منقولة جنسياً يمكن علاجها، وغالبًا ما لا تظهر عليهم أعراض واضحة.

هذه الأرقام تعكس حجم الانتشار الواسع للعدوى، لكنها أيضًا تكشف عن نقص كبير في الوعي والمعرفة بوسائل الوقاية والتشخيص والعلاج. وتشمل أبرز أنواع هذه العدوى

الكلاميديا والسيلان والزهري، وهي التهابات بكتيرية قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة في حال إهمال علاجها.

:فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)،

والذي قد يؤدي إلى سرطان عنق الرحم عند النساء.

فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)،

الذي يضعف جهاز المناعة ويعرض المصاب لأمراض قاتلة.

التهاب الكبد B

وداء المشعرات، وغيرها من العدوى المنتقلة عبر العلاقات الجنسية غير المحمي

 في تونس، لا تختلف الصورة كثيرًا. نتائج استبيان ميداني أُجري في 2025 على عينة من الشباب كشفت أن نسبة الوعي بمفهوم العدوى المنقولة جنسياً لا تتجاوز 10.3%. وصرّح أكثر من 71% من المشاركين أنهم لا يعرفون حتى نوعًا واحدًا من هذه العدوى، في حين لم يتلقَّ 48.7% منهم أي معلومات دقيقة أو علمية حول الموضوع، لا من المدرسة ولا من المحيط الأسري.

تُرجع إنصاف فتح الله، خبيرة في التربية، هذا القصور إلى غياب التربية الجنسية في المناهج التعليمية. وتوضح في تصريح خاص أن:”إدراج التربية الجنسية في البرامج التربوية لم يعد ترفًا، بل ضرورة لحماية المراهقين والمراهقات

 التربية الجنسية لا تعني الحديث عن العلاقات فقط، بل تشمل معرفة الجسد، وفهم التغيرات، واحترام الذات والآخر، والوقاية من العدوى والمخاطر الصحية.” وتضيف أن غياب المعلومة يخلق فراغًا تملؤه الشائعات، والخرافات، والممارسات غير الآمنة، مما يعرض فئات عمرية حساسة إلى خطر العدوى دون أن يكون لديها وعي أو أدوات للحماية. في ضوء هذه المعطيات، يصبح التثقيف الجنسي مسؤولية جماعية، على المؤسسات التربوية، والوسائل الإعلامية، والمجتمع المدني، والدولة، أن تتعاون لتقديم محتوى علمي مبسط، يناسب أعمار اليافعين، ويكسر حاجز الخوف والوصم المرتبط بالحديث عن الجنس والصحة الإنجابية.

العدوى المنقولة جنسياً لا تميّز بين مجتمع وآخر، لكنها تنتشر أكثر في البيئات التي تفتقر إلى الوعي والتعليم والوقاية. التغيير يبدأ من المعلومة، ومن الاعتراف بأن التربية الجنسية ليست تهديدًا للقيم، بل حماية للأفراد. الحديث عن هذه القضايا ليس عيبًا، بل واجب، لحماية أجيال كاملة من خطر صامت يتغلغل في أجسادهم، في غياب الكلمة والوعي

روابط ذات صلة يمكنها أن تفيدكم.ن في المعلومات حول الموضوع

صفحة منظمة الصحة العالمية عن العدوى المنقولة جنسياً (STIs)تقرير الحالة العالمي
https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/sexually-transmitted-infections-(stis)

تقرير منظمة الصحة العالمية السنوي عن العدوى المنقولة جنسياً (WHO Global Health Sector Strategy on STIs 2022–2030):
https://www.who.int/publications/i/item/9789240043797

ملخص إحصائيات العدوى المنقولة جنسياً من موقع منظمة الصحة العالمية
https://www.who.int/health-topics/sexually-transmitted-infections#tab=tab_1