No Widgets found in the Sidebar

أصدر “صحفيون من أجل حقوق الإنسان” ورقة سياسات تقترح تأجيل تسجيل الجنس في مضمون الولادة بالنسبة للرضّع ثنائيي الجنس في تونس، في إطار مشروع يهدف إلى ضمان احترام الحقوق الجندرية لهؤلاء الأطفال وحمايتهم من التحديد القسري لهويتهم الجنسية في سنّ مبكرة

تعريف البينية الجنسية 

مصطلح “بين الجنس” يشير الى الاشخاص الذين لا ينتمون بوضوح الى احد الجنسين التقليديين (الذكر او الانثى) فقد يولدون من مع سمات جسدية قد تشمل خصائص من كلا الجنسين او خصائص لا يمكن تصنيفها بسهولة ضمن احد الجنسين.

التحديات التي يواجهها الأشخاص بينيي الجنس

-الإجبار على تحديد جنس عند الولادة .غالبا ما يجبر الأطباء والآباء على اختيار جنس الطفل بناء على سمات جسدية معينة مثل الأعضاء التناسلية حتى وإن كانت هذه السمات لا تتماشى مع الهوية الجندرية المستقبلية للشخص .

-يواجه الأشخاص بيني الجنس الكثير من التمييز والوصم في المجتمع  حيث ينظر إليهم في بعض الأحيان على أنهم ” غير طبيعيين ” او “مختلفين” هذا التمييز يمتد الى التعليم اماكن العمل ..و قد يعانون من العنف النفسي او الجسدي او من رفض اجتماعي وعائلي.

-يفتقر الأشخاص بيني الجنس في تونس الى دعم متخصص في مجالات الصحة النفسية و الجسدية  غالبا ما يواجهون صعوبة في الحصول على العلاج المناسب بسبب نقص الفهم لدى الأطباء والمهنيين 

-الغياب التام التشريعات الداعمة تضمن حقوق الأشخاص بينيي الجنس خاصة فيما يتعلق بهويتهم الجندرية مما يساهم في صعوبة توثيق هؤلاء لهويتهم القانونية مثل تعديل الجنس في الأوراق الرسمية ما يسبب لهم مشكلات في التعامل مع المؤسسات الرسمية أو القانونية  

أهمية الاعتراف بحقوق الأشخاص بيني الجنس في إطار قوانين الهوية الجنسية 

يجب ان يعترف بحقوق الأشخاص بيني الجنس من خلال قوانين تحترم هويتهم الجندرية وتمنحهم حرية اتخاذ القرارات المتعلقة بجنسهم و هويتهم و هذا يتضمن. حق تعديل الهوية الجندرية في الوثائق الرسمية دون الحاجة الى عمليات طبية معقدة او اجراءات طويلة

يجب ان تتضمن التشريعات قوانين تحمي الأشخاص بيني الجنس من التمييز في العمل والتعليم والرعاية الصحية وتوفر لهم بيئة امنة ومتساوية

كما يحتاج الأشخاص بينيي الجنس الى رعاية صحية تراعي خصوصياتهم و تلبي احتياجاتهم الفريدة في ما يتعلق بالجوانب النفسية و الجسدية 

أخيرا ضرورة رفع الوعي داخل المجتمع حول مفهوم الأشخاص بيني الجنس وتحدياتهم من خلال برامج التوعية في المدارس والمجتمع بشكل عام لتخفيف الوصم وتعزيز الفهم و التقبل

 أهداف المشروع 

يسعى المشروع الى تحقيق العدالة و المساواة من خلال تعديل السياسات الحالية التي تجبر الافراد على تحديد هوياتهم الجندرية بناء فقط على المعايير البيولوجية عند الولادة بدلا من ذلك تهدف السياسة الى ضمان ان يتم تحديد الهوية الجنسية بناء على الحالة الطبية للفرد و نضوجه الشخصي مما يعكس التقدير الحقيقي للتنوع الجندري هذه المبادرة تعمل على الغاء الممارسات القسرية التي تحدد جنس الطفل عند الولادة بشكل ثابت مما يسمح باعطاء الاولوية للحقوق الفردية في اتجاه القرار بشان الهوية الجندرية على مر الزمن و في ظل وعي و دراية شخصية.

كما يسعى المشروع الى منح الافراد بيني الجنس الحق الكامل في اختيار هويتهم الجندرية في مرحلة لاحقة من حياتهم يعتمد هذا الحق على الفهم الذاتي للفرد لجنسيته وهويته الجندرية اضافة الى ملفه الطبي الذي يعكس مسار تطوره الجسدي و النفسي هذا يضمن ان يكون للأشخاص بيني الجنس القدرة على تحديد هويتهم بشكل مستقل و متوازن.دون ضغوط اجتماعية او طبية غير مرغوب فيها 

المقاربة المقترحة 

تبني المقاربة المقترحة أساسا على نقطتين مهمتين 

اولا تأجيل تسجيل الجنس عند الولادة في السجلات المدنية حيث يتم ترك الباب مفتوحا أمام الأفراد لتحديد هويتهم الجندرية في مرحلة لاحقة من حياتهم .بهدف تجنب التصنيف القسري للأشخاص  بيني الجنس بناء على معايير  بيولوجية عند الولادة .وبذلك يتم تأجيل تصنيف الجنس الى مرحلة لاحقة عندما يتم الشخص  سن الرشد أو وفقا لمرحلة عمرية يحددها القانون مثلا عند بلوغ سن معينة مثل 18 عاما أو بعد سنوات من تطور الهوية الجندرية للفرد

ثانيا عند بلوغ الشخص سن الرشد او عندي تحديد هويته الجندرية في مرحلة اخرى كما يحددها القانون يتم تشكيل لجنة مختصة تتكون من أطباء مختصين في الطب النفسي و الطبي لفحص الحالة الجسدية و النفسية للفرد بيني الجنس يعتمد القرار النهائي لهذه اللجنة على المعطيات الطبية المتوفرة حول الشخص بما في ذلك الفحوصات الجسدية التي تتعلق بتطور الخصائص الجسدية و العلامات الجنسية الثانوية و كذلك الفحوصات النفسية  التي تأخذ في الاعتبار تطور الهوية الجندرية للفرد و كيفية تصوره لجنسه و هويته في سياق الحياة  اليومية

التحديات و العوائق 

اولها التحديات القانونية حيث ترى بعض الجهات القانونية ان تاجيل تحديد الجنس عند الولادة يتعارض مع الانظمة القانونية الحالية .بعض القوانين قد تكون شديدة الصرامة في تحديد الهوية الجندرية بناء على المعايير البيولوجية مما يجعل تغيير هذه الانظمة امرا معقدا.بالاضافة الى ذلك  قد يواجه المشروع مقاومة من بعض الهيئات الدينية التي ترى في هذه المبادرة تهديدا للمعايير الدينية التقليدية 

ثانيها التحديات الاجتماعية قد تكون هناك مقاومة من بعض افراد المجتمع الذين يرون ان تاجيل تحديد الجنس يشكل تهديدا للقيم العائلية والثقافية في المجتمعات التي تحافظ على تقاليد صارمة بخصوص الادوار الجندرية قد ينظر الى هذه المبادرة على انها تحدي للقيم التقليدية المتعلقة بالجنس و الهوية .هذه المقاومة قد تشمل افرادا من مختلف الشرائح الاجتماعية مثل العائلات المؤسسات التعليمية و المنظمات الاجتماعية التي قد لا تكون مستعدة لقبول التغيير 

ادماج حقوق الاشخاص بينيي الجنس في الاطر القانونية و الاجتماعية يسهم في تحقيق مجتمع اكثر عدالة و انصافا حيث يتمتع كل فرد بحقوقه الكاملة  دون تمييز من خلال حماية خياراتهم الشخصية و ضمان مساواتهم في الحقوق و تقليل التدخلات الطبية غير الضرورية يمكن تحقيق بيئة امنة و داعمة تضمن لهم حياة كريمة و متكافئة مع بقية افراد المجتمع

كيف يتم تشخيص البينية الجنسية 

عندما نتحدث عن تشخيص البينية الجنسية عند الولادة فإن الأمر يختلف إذ يخضع المولود الى تحليل الصبغيات الجنسية (الكروموسومات)و يتم حينها التثبّت من مدى مطابقتها مع الاعضاء التناسلية

بعد ذلك يقرر الطبيب الجراح و الاولياء معا اختيار جنس المولود ذكر او انثى وعلى هذا الأساس يقع اجراء العملية الجراحية حتى يتم ادراج جنسه في مضمون الولادة 

عندما  يكون المولود غامض الجنس  وتكون الاجهزة التناسلية مغايرة لما هو متعارف  عليه  للذكر و الانثى فان الطبيب المختص او الطبيبة المختصة هما من يتخذان قرار قرار تحديد جنس المولود عن طريق الجمس الغالب و يتوليان أعلام العائلة بوجوب اخضاعه الى العملية الجراحية التصحيحية التي ستحدد جنسه و يسجل على ضوئها في الحالة المدنية

الحالات التي تستوجب التدخل الجراحي 

حسب أخصائية الغدد الصماء غادة سعد في الجراحة تستثني الحالات التي تكون لديها تشوهات بسيطة و غير واضحة و تشمل أساسا من لديهم تشوهات  بارزة .لكنّ الاشكال الاساسي يكمن في انّ هذا التدخل يحدث في سن مبكرة جدّا ودون موافقة الشخص  المعني بالامر و قد لا تتوافق مع ميولاته عند الكبر

و في تونس تحديدا من النادر جدا أن يترك المولود دون تدخل جراحي اذا شخص بالبينية الجنسية و من لم يخضع  لهذا التدخل ليس لأن الخيار ترك له و إنّما لانّه لم يتم اكتشاف حالته إلا عند البلوغ

أما عن التدخل الجراحي فإنه يكون صعبا في المراحل المتقدمة من العمر لأن البلوغ يحدث بوجود تشوهات في الأعضاء التناسلية و بالتالي يصعب على الجراح إجراء الجراحة التصويبية

عملية التغيير 

عندما يكون المولود غامض الجنس وتكون الأجهزة التناسلية مغايرة لما هو متعارف عليه الذكر والأنثى 

فان الطبيب المختص او الطبيبة المختصة هما من يتخذ ان قرار تحديد جنس المولود عن طريق الجنس الغالب يتولّيان أعلام العائلة بوجود اخضاعه الى العملية الجراحية التصحيحية التي ستحدد جنسه و يتسجّل على ضوئها في الحالة 

المدنية

التغيير الخاطئ

 بعض الأشخاص ظهرت عليهم علامات بلوغ مغايرة للجنس  الذي اختاره الطبيب  و سجلوا على اساسه في الوتائق الرسمية  عند الولادة ووجدوا انفسهم في حالة عدم تناسق بين هويّتهم الجندرية الظّاهرة للمجتمع و الهويّة الجنسيّة الموجودة في وثائق الحالة المدنيّة و في معظم الاحيان يلجأ هؤولاء الاشخاص الى تصحيح جنسهم حتى يتطابق مع هويّتهم  الجندرية  عن طريق رفع القضايا قي الغرض حسب محدّنا ذاته 

قانونيا

يكمن الإشكال أيضا في الربط القانوني الضروري بين التدخل الجراحي و ادراج المولود في سجل الحالة المدنية  فما يجبر الاخصائيين والاخصائيات و الأولياء على التدخل المبكر هو وجوب تسجيل المولود في سجل الحالة المدنية بالهوية الجنسية المتعارف عليها وهي ذكر أو أنثى في غضون عشرة أيام و قانونيا لا توجد هوية جنسية ثالثة بينهما 

لم يتطرّق المشرّع التونسي الى مفهوم الجنس حسب المحامية لدى التعقيب و الكاتبة العامة لجمعية النساء الديمقراطيات للاستاذة هالة بن سالم الا في القانون عدد 3 من سنة 1957 المتعلق بتنظيم الحالة المدنية أين يتم التنصيص على جنس المولود بالضرورة في مضمون الولادة إن كان ذكرا او أنثى  في المنظومة القانونية التونسية لا تنظم الوضعيات الاستثنائية على غرار البينية الجنسية او مغايري و مغايرات الهوية الجندرية و لا تسمح لهم بتغيير الجنس

الإمكانية الوحيدة حسب محدثنا تتمثل في إصلاح مضامين الحالة المدنية في صورة الخطأ المادي و ذلك بموجب تقديم شهادة طبية ومطلب اصلاح وهذا ما يشير الى فراغ تشريعي في مسالة تغيير الجنس بصفة عامة

لا تعترف المنظومة القانونية التونسية في جميع مستوياتها سواء تلك المتمثلة في مجلة الأحوال الشخصية او سجلات الحالة المدنية أو القانون الجزائي بالبينية الجنسية 

فهي تخص بالذكر جنس الانثى و جنس الذكر فقط و لا يوجد اي نص قانوني يفسح المجال للتفكير في الجنس المختلف  الذي يعتبر خارج اهتمام المشرع التونسي

حسب المستشار القانوني و الباحث في حقوق الإنسان  و الجندر شادي بالرّيش فانّ القانون التونسي يفرض على الأطباء تحديد جنس المولود في ظرف لا يتجاوز 10 أيام من تاريخ ولادته و اعداد تقرير طبي في الغرض يأتي فيه على ذكر الهوية الجنسية للمولود .و يسجل في الحالة المدنية على ضوئه  

الاجتهاد الديني 

طرحت قضية تغيير الجنس في مجمع الفقه الإسلامي حسب الباحث في الحضارة و الاسلاميات غفران الحسايني في فيفري 2023 في الدورة الخامسة في مجلس مجمع الفقه الإسلامي  الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي 

و قد صدر قرار سمي ببيان حكم تغيير الجنس في الإسلام أوصى فيه المجلس الذي يضم أكثر من دولة اسلامية الى “دعوة الحكومات و الدول إلى منع إجراء هذه العمليات  والتوعية بمخاطرها و نتائجها المدمّرة لفاعلها و للمجتمعات  وتوجيه الأشخاص  الذين لديهم اضطرابات او وساوس في الهوية الجنسية لأسباب نفسية او غيرها الى العلاج” 

يقترح الباحث غفران الحسايني الانطلاق من اجتهاد جماعي يحسم مسألة البينية الجنسية  لإنهاء مشاكل بيولوجية بالأساس و يقترح تكوين مجمع يضمّ باحثين وباحثات في الاسلاميّات و مختصّين و مختصّات في المجالات العلميّة المختلفة كالطبّ النفسي و الجنسي والتناسلي والعلوم القانونيّة من أجل طرح مشروع قانون متكامل لا يحيد عن المبادئ الاسلامية لكنّه  يأخذ بعين الاعتبار القضايا المعاصرة حتى يتمكّن كل شخص من نيل حقوقه كاملة 

يعكس مشروع تأجيل تحديد الجنس عند الولادة في تونس خطوة حقوقية نحو احترام التنوع الجندري، ويطرح تصورًا جديدًا لسياسات الهوية، يُعطي الأفراد حرية القرار في هوية قد ترافقهم مدى الحياة. وبين التحديات القانونية والدينية والاجتماعية، تظل الحاجة ملحة لإصلاح شامل يراعي كرامة وحقوق الأشخاص ثنائيي الجنس ضمن مجتمع عادل ومتعدد

هاجر الغماقي