(متابعة: سيماء المزوغي)
يشارك مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية في معرض تونس الدولي للكتاب في دورته الـ39، حيث يطل على الزوار في جناح المملكة العربية السعودية بمحتوى مميز يعكس دوره البارز في الحفاظ على التراث الثقافي والعلمي. وقد لاقى هذا الجناح استحسانًا كبيرًا من الزوار الذين أبدوا إعجابهم بالمخطوطات والمحتويات القيمة المعروضة. تفاعل الحضور كان ملحوظًا، حيث أعرب العديد منهم عن تقديرهم للمبادرات الثقافية التي يقدمها المجمع في حفظ المخطوطات التاريخية وتسهيل الوصول إليها عبر الوسائل الحديثة مثل الرقمنة.
المجمع هو أحد المشاريع الثقافية والبحثية الرائدة في المملكة العربية السعودية، ويعد نموذجًا فريدًا في إدارة وحفظ التراث الوقفي العربي والإسلامي. في هذا المقال، سنتناول تاريخ المجمع، أهدافه، دوره في الحفاظ على التراث الثقافي، وأهم مشاريعه ومبادراته.
تاريخ وتأسيس المجمع
تم تأسيس مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية. ويهدف المجمع إلى جمع وحفظ المكتبات الوقفية العريقة والمخطوطات القديمة، التي تحتوي على ثروات معرفية وثقافية لا تقدر بثمن. ويركز المجمع بشكل أساسي على المخطوطات الوقفية التي أوقفها الأفراد والمؤسسات لصالح البحث العلمي والتعليم، وقد كانت هذه المخطوطات جزءًا لا يتجزأ من التاريخ العلمي والثقافي للعالم الإسلامي.
في البداية، كانت عملية جمع هذه المخطوطات تتم بشكل عشوائي، مما جعل من الصعب على الباحثين والمهتمين الاطلاع على هذه الكنوز الثقافية. لذا، جاء تأسيس المجمع كخطوة ضرورية لتنظيم هذه المكتبات بشكل علمي وتقني، بحيث يمكن الحفاظ عليها ومنحها مساحة أكبر للبحث والدراسة.
أهداف المجمع
تتمثل أهداف مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية في:
حفظ التراث الثقافي الإسلامي: يعتبر المجمع مركزًا لحفظ المخطوطات الوقفية والكتب القديمة التي تحتوي على معلومات علمية ودينية هامة. ويعمل المجمع على تأمين هذه المخطوطات من التلف والاندثار، حيث تتم رقمنتها وترميمها بشكل دوري.
تنظيم المكتبات الوقفية: المجمع لا يقتصر على الحفظ فحسب، بل يهدف أيضًا إلى تصنيف وتنظيم هذه المكتبات بشكل علمي، مما يسهل الوصول إليها من قبل الباحثين والمتخصصين.
دعم البحث العلمي: يسهم المجمع في توفير مصادر علمية غنية للباحثين في مجالات عدة، مثل الفقه والتاريخ والجغرافيا، من خلال توفير مخطوطات وكتب نادرة تساهم في إثراء البحث العلمي.
تشجيع نشر التراث الثقافي: المجمع يسعى إلى نشر المخطوطات عبر الوسائل الحديثة مثل الرقمنة والطباعة، ليتمكن الباحثون من الوصول إليها بسهولة ويسر.
الحفاظ على التراث الثقافي
يمثل المجمع معلمًا رئيسيًا في مجال الحفاظ على التراث الثقافي الإسلامي. فبالإضافة إلى دوره في ترميم المخطوطات، يقدم المجمع خدمات في مجال الرقمنة، حيث يتم تحويل المخطوطات والكتب إلى صيغ رقمية لضمان حفظها للأجيال القادمة. هذه المبادرة تساعد أيضًا في تسهيل الوصول إلى هذه المخطوطات عبر الإنترنت، مما يتيح للباحثين من مختلف أنحاء العالم الاطلاع عليها.
ويعتمد المجمع على تقنيات حديثة ومتطورة في عملية الرقمنة، تشمل استخدام أجهزة المسح الضوئي المتقدمة التي تضمن جودة عالية في حفظ النصوص القديمة. كما يتم توفير نسخ رقمية للمخطوطات على موقع المجمع الإلكتروني، مما يسهم في نشر التراث العلمي والثقافي بشكل أوسع.
أهم المشروعات والمبادرات
مشروع رقمنة المخطوطات: يعد هذا المشروع من أهم المبادرات التي أطلقها المجمع، حيث يهدف إلى رقمنة جميع المخطوطات الوقفية المكتوبة باللغة العربية وغيرها من اللغات الإسلامية. تساهم هذه المبادرة في ضمان استدامة المخطوطات وصيانتها للأجيال القادمة.
مركز الدراسات والبحوث: يضم المجمع مركزًا خاصًا للدراسات والبحوث يتيح للباحثين والطلاب فرصة التعمق في موضوعات تاريخية وفكرية ودينية، كما يقدم ورش عمل ودورات تدريبية في مجالات ترميم المخطوطات والتقنيات الحديثة.
المكتبة الرقمية: يقدم المجمع مكتبة رقمية تحتوي على مجموعة ضخمة من الكتب والمخطوطات الرقمية التي يمكن الوصول إليها بسهولة عبر الإنترنت. هذه المكتبة تساهم في تعزيز البحث العلمي وتتيح للباحثين استخدام المصادر الأصلية في دراساتهم.
الفعاليات والمبادرات الثقافية: ينظم المجمع العديد من الفعاليات الثقافية والمعارض التي تهدف إلى نشر الوعي حول أهمية الحفاظ على التراث الإسلامي، وتشجيع البحث والدراسة في مجالات التراث الثقافي.
التعاون الدولي
يولي مجمع الملك عبد العزيز اهتمامًا خاصًا بالتعاون مع المؤسسات الثقافية والعلمية الدولية. فقد أبرم المجمع عدة اتفاقيات مع مؤسسات دولية متخصصة في الحفاظ على المخطوطات والتراث الثقافي، مما يعزز من دوره كأحد مراكز الريادة في هذا المجال. هذه التعاونات تساعد في تبادل المعرفة والخبرات في مجال ترميم المخطوطات والحفاظ عليها.
يمثل مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية نموذجًا مثاليًا لحفظ التراث الثقافي والعلمي في المملكة العربية السعودية. من خلال عمله في جمع وتنظيم المخطوطات الوقفية وترميمها، يساهم المجمع في الحفاظ على جزء كبير من تاريخنا الإسلامي، ويسهل الوصول إلى هذه الثروات الثقافية من خلال تقنيات العصر الحديث. إن استمرار هذا المشروع في التطور يعد خطوة هامة نحو ضمان نقل هذا التراث إلى الأجيال القادمة.