في صباح الأحد 17 نوفمبر 2024، انعقدت الجلسة العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، بحضور وزيرة الشؤون الثقافية، السيدة أمينة الصرارفي، لمناقشة مشروع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية للعام 2025. كانت هذه الجلسة بمثابة فرصة هامة لاستعراض الخطط والبرامج المستقبلية التي ستُنفَّذ في مجال الثقافة، حيث تم التركيز على دور الثقافة الحيوي في بناء المجتمع والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
بدأ رئيس مجلس نواب الشعب، السيد إبراهيم بودربالة، الجلسة بالتأكيد على أن الثقافة تعد أحد العوامل الرئيسية لتعزيز الهوية الوطنية، وبناء الروابط الاجتماعية بين مختلف شرائح المجتمع. وأشار إلى الدور الفاعل للثقافة في تعزيز التسامح والقبول بالاختلاف، معتبرًا إياها أداة محورية لمكافحة الفكر الظلامي والتطرف الذي يهدد استقرار المجتمع. وتناول أهمية التعاون بين الهيئات والمؤسسات الثقافية في إطار الجهود الرامية إلى الارتقاء بالقطاع الثقافي في تونس.
مقترحات الميزانية لعام 2025
عرضت السيدة أمينة الصرارفي تفاصيل مشروع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية لعام 2025، التي ركزت على عدة محاور استراتيجية تهدف إلى تعزيز حضور الثقافة في كل جوانب الحياة التونسية. من بين أبرز هذه المحاور كان دعم الإنتاجات الفنية والموسيقى، والعمل على تطوير صناعة السينما والتكنولوجيا السمعية البصرية. كما تم التأكيد على ضرورة دعم اللامركزية الثقافية من خلال تنظيم المعارض والورش في مختلف جهات البلاد، فضلًا عن دعم المكتبات العمومية وتوسيع نطاق المطالعة.
وأكدت الوزيرة على أهمية حماية التراث الثقافي التونسي، مشيرة إلى ضرورة الحفاظ على المعالم التراثية والتاريخية من خلال عمليات الصيانة والترميم، مع توفير الحلول الكفيلة بتطوير البنية التحتية للمؤسسات الثقافية. في هذا السياق، كان تعزيز مشاركة الأعمال الفنية التونسية في المهرجانات العالمية من أبرز النقاط التي تم التطرق إليها في إطار تعزيز حضور تونس الثقافي على الساحة الدولية.
مداخلات النواب: القضايا الأساسية في المشهد الثقافي
حظي النقاش في الجلسة بتفاعل كبير من النواب الذين طرحوا قضايا عدة تتعلق بتحسين القطاع الثقافي. طالب النواب بضرورة تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص للنهوض بالثقافة والتراث، مؤكدين أهمية تحسين بنية المؤسسات الثقافية وتوفير المعدات اللازمة لدور الثقافة والمكتبات في مختلف المناطق. كما شددوا على ضرورة تسريع إنشاء المجلس الأعلى للثقافة والفنون الذي طال انتظاره.
من ناحية أخرى، تطرق النواب إلى ضرورة العناية بقطاع التراث، لاسيما في ما يتعلق بالمواقع الأثرية مثل فسقية الأغالبة وغيرها من المعالم التاريخية، مؤكدين على أهمية تطوير التشريعات المتعلقة بحماية التراث الوطني. وأعربوا عن أهمية دور الثقافة في محاربة الفكر الظلامي والتطرف، مشيرين إلى دورها الحاسم كأداة تعليمية تثقيفية تسهم في بناء مجتمع واعٍ ومتحضر.
الردود والتوجيهات
في ردها على تساؤلات النواب، أشارت وزيرة الشؤون الثقافية إلى التوجه نحو تقليص المشاريع الجديدة والتركيز على صيانة المنشآت الثقافية القائمة. ولفتت إلى أن الوزارة تعمل حاليًا على تجاوز العقبات التي تواجه ترميم الفسقيات وبعض المعالم التراثية الهامة، مثل برج بكوش. كما أكدت على أن الوزارة تتبع توصيات رئيس الجمهورية بشأن المشاريع الثقافية المعطلة، مع العمل على تسريع الإجراءات المتعلقة بهذه المشاريع.
وقد شددت الوزيرة على أهمية تحسين حوكمة تنظيم التظاهرات الثقافية والمهرجانات، مشيرة إلى أن الوزارة تسعى إلى وضع خارطة للمهرجانات تراعي الخصوصيات الجهوية والمحلية، مع ضمان تنوع وجودة المضامين الثقافية. كما تعهدت بتوفير إجابات مكتوبة للنواب بشأن القضايا المحلية والجهوية التي تم طرحها في الجلسة.
تعد هذه الجلسة نقطة انطلاق هامة لمراجعة السياسات الحكومية في مجال الثقافة، وإيجاد حلول عملية للمشكلات القائمة. فقد تطرق النقاش إلى قضايا عدة تشمل تعزيز البنية التحتية الثقافية، حماية التراث الوطني، وتحقيق تنمية مستدامة في مختلف جهات البلاد. إن الثقافة في تونس تمثل ركيزة أساسية لتنمية المجتمع، وهي بحاجة إلى مزيد من الدعم الحكومي والشعبي من أجل تجاوز التحديات الراهنة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تسعى إليها البلاد.