No Widgets found in the Sidebar
في كل مجموعة شعرية له، يظهر اهتمامه بتفاصيل الروح الإنسانية وتراكماتها، موضحًا كيف تفاعل مع التجارب الشخصية وحوّلها إلى طاقة إبداعية.

(متابعة سيماء الزوغي)

محمد خضر، الشاعر والكاتب السعودي، الذي يقدّم قراءة شعرية يوم غد 29 أفريل 2025 بمعرض تونس الدولي للكتاب، يعد من أبرز الأصوات الشعرية في الساحة الأدبية العربية. منذ بداياته الأدبية، استطاع أن يحقق لنفسه مكانة متميزة بفضل أسلوبه الخاص الذي يمزج بين العمق الفلسفي والتعبير العاطفي، ما جعل شعره يثير انتباه النقاد والقراء على حد سواء.

من خلال مختاراته الشعرية، يكشف خضر عن تجربة شعورية وفكرية غنية تمزج بين الحب، الحزن، الفرح، والألم، وتغوص في معاني الوجود والعدم. في كل مجموعة شعرية له، يظهر اهتمامه بتفاصيل الروح الإنسانية وتراكماتها، موضحًا كيف تفاعل مع التجارب الشخصية وحوّلها إلى طاقة إبداعية.

أحد أبرز السمات التي تميز شعر محمد خضر هي لغته الفريدة التي تحمل مزيجًا من البساطة والعمق، مما يجعل قصائده قابلة للاكتشاف على مستويات متعددة. نصوصه تجمع بين الوضوح والغموض، وتدعو القارئ للغوص في معانيها والتأمل في ما وراء الكلمات. يعتبر شعره بمثابة نافذة تتيح للقارئ اكتشاف عوالم جديدة، حيث يفتح له أبوابًا من التفكير العميق والتأمل في الذات والكون.

في مجموعاته المتنوعة مثل “مؤقتًا تحت غيمة” (2002) و “صندوق أقل من الضياع” (2006) و “تمامًا كما كنت أظن” (2009)، يطرح خضر تساؤلات فلسفية ووجودية، ويتعامل مع الحياة والموت، والأمل واليأس، والحرية. تظهر قصائده بلغة تصويرية غنية ومؤثرة، كما في قصيدته “حرية” التي تتناول الفراشة التي تدخل إلى غرفة صغيرة وتنتحر في زجاجة خل التفاح، متأملة في معنى الحياة والحرية في ظل القيود الملموسة:

“فراشة دخلت الغرفة الصغيرة،
انتحرت في زجاجة خل التفاح،
كانت تبحث عن معنى للحرية،
ولكنها كانت في قيودٍ أكثر من الخوف.”

ومن خلال أعماله، يعكس خضر أيضًا تطور رؤيته الشعرية، إذ يُمكن ملاحظة الانتقال في شعره من موضوعات الذات الخاصة إلى الهموم الإنسانية العامة. وفي مجموعته الأخيرة “عودة رأسي إلى مكانه الطبيعي” (2017)، يعكس عمق فكره وتطوره المستمر في التعامل مع الواقع والأحلام.

محمد خضر ليس مجرد شاعر، بل هو مفكر ومراقب للوجود الإنساني. تجمع قصائده بين التأمل الفلسفي والسخرية اللاذعة، ويحرص دائمًا على كشف ما وراء الستار، على الرغم من كونه يفضل أن يظل العديد من جوانب شعره مفتوحة للتفسير الشخصي. إذ أن كل قصيدة من قصائده تعتبر دعوة مفتوحة للغوص في عالمه الداخلي وتفسير معاني الحياة بطرق جديدة.

من أبرز أبعاده الفلسفية في الشعر، نجد تساؤلاته العميقة عن الحياة والموت كما يظهر في الأبيات التالية:

“إذا كان الموت أهون مما نراه،
فما بال الحياة تحمل كل هذا الألم؟”

كذلك في قصيدته التي تطرح فكرة الانتظار اللامنتهي:

“مضى العمر ونحن في الطابور،
وداخل الفراغ كان المسار الطويل،
ننتظر شيئًا، ولكننا لا نعلم ما الذي ننتظره.”

في قصيدته عن العزلة والانكفاء على الذات، حيث يتحدث عن الصراع الداخلي بين الوجود والموت:

“حين أغلق الباب خلفي،
لا يعود لي سوى صدى الصوت،
ولكن بين الجدران، أسمع صوتي يصرخ:
هل أنا هنا، أم أنني فقط ذكريات؟”

تلك الأبيات تمنحنا لمحة عن المساحات الفكرية التي يبحر فيها محمد خضر، حيث يتداخل الشعر بالفلسفة، ويعكس أعمق تساؤلات الوجود الإنساني. مايزال محمد خضر واحدًا من أكثر الشعراء تأثيرًا في الأدب العربي المعاصر، ليس فقط من خلال عمق شعره، بل أيضًا من خلال قدرته على تجسيد الأسئلة الوجودية في صور شعرية تلمس كل قلب حساس.

محمد خضر
• شاعر وكاتب سعودي
• صدر له عدد من المجموعات الشعرية بدءاً من العام 2002، ثم أكثر من ديوان شعري كان آخرها “فراغ في طابور طويل”.
• مؤلف رواية صدرت عام2011م تحت عنوان “السماء ليست في كل مكان”.
• أصدر مختارات من قصيدة النثر السعودية تحت عنوان “30 حاسة جديدة”.
• له بعض الأعمال المشتركة مع فنانين تشكيليين وهو عضو مؤسس في جماعة شتّى الإبداعية عام 2004م.
• ترجمت أعماله إلى الفرنسية والفارسية.