(متابعة سيماء المزوغي)
من المنتظر أن تشارك الشاعرة السعودية الدكتورة أديم بنت ناصر الأنصاري يوم غد، 30 أفريل 2025، في قراءة شعرية ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب، وذلك على الساعة العاشرة صباحًا بجناح وزارة الشؤون الثقافية. وتأتي مشاركتها ضمن تظاهرة شعرية مميزة تجمع ثلة من أبرز الأسماء العربية والعالمية، من بينهم الشاعر السعودي محمد خضر، والشاعر الفنزويلي أنطونيو تروخيو، واللبناني شوقي بزيع، إلى جانب الشعراء التونسيين سلوى الرابحي، ويوسف رزوقة، ومحمد الهادي الجزيري، وخالد الوغلاني، في لقاء يُنتظر أن يكون احتفاءً بالكلمة الحرة وتنوع التجارب الشعرية المعاصرة.
في مشهد شعري يتقاطع فيه القديم بالجديد، وتتشكل فيه هوية الأنثى بين الموروث والمعاصر، تبرز د. أديم بنت ناصر الأنصاري كواحدة من أبرز الأصوات النسائية في الشعر السعودي الحديث. فهي لا تكتب الشعر فحسب، بل تعيد تشكيل وجدان المرأة، وتمنحها لسانًا يتحدث باسمها، لا كضحية فحسب، بل كذات قادرة على المقاومة، على الحب، على الحلم، وعلى الانعتاق.
القصيدة مرآة الذات الأنثوية: من “من مثلها” إلى “إنني حواء”
في ديوانها “من مثلها”، تطرح الأنصاري صورة المرأة ليس بوصفها كائنًا هشًا بل بوصفها كيانًا مركّبًا من الإرادة والتحدّي. العنوان ذاته سؤال استنكاري مشبع بكبرياء أنثوي دفين، لا يبحث عن جواب بقدر ما يفتح باب التأمل: من يضاهي المرأة السعودية في صبرها، في حُسنها، في خوضها معركة الحياة دون هوادة؟
أما ديوان “إنني حواء”، فهو إعلان صريح لهوية أنثوية معاصرة تعي تمامًا تراثها الرمزي، وتُعيد قراءته من الداخل. فحواء هنا ليست تلك التي أغوت، بل تلك التي وعَت، وتألّمت، وفهمت حدود الخطيئة والمغفرة. تقول في أحد النصوص:
“أنا لست ضلعًا… أنا القفص والصوت والسؤال”
عبارة واحدة تقلب المفهوم التقليدي لحواء رأسًا على عقب. الأنثى في شعر الأنصاري ليست ظلًا لآدم، بل ندًّا حقيقيًا، تتكئ على الوعي لا على الجسد.
تنوس تجربة أديم بين الحميمي — حيث الحب والخذلان والمناجاة الذاتية — وبين الاجتماعي — حيث تندمج المرأة مع قضايا مجتمعها دون أن تذوب فيه. في قصيدتها “ما أدراك ما الرجل”، تظهر مفارقة ذكية، بل هجاء ساخر أحيانًا للرجل الذي لم يستوعب تحوّل المرأة من تابعة إلى صانعة للمصير.
لا تكتب أديم عن المرأة كما تفعل بعض الشاعرات المعاصرات من باب التنديد أو الاستعراض، بل تكتبها من موقع المُحبّة والناقدة في آن. وهذا ما يجعل شعرها بعيدًا عن المباشرة، قريبًا من القارئ الحصيف.
بلاغة الصورة، وهندسة الجملة
على مستوى الأسلوب، تُوظف الأنصاري البلاغة العربية بمفهوم حداثي. تراها تستدعي الرمز القرآني أو الموروث العربي، لا لتعيد إنتاجه، بل لتفككه وتعطيه شحنة جديدة. وفي “القطران” — مسرحيتها الشعرية — تبدو لغتها شديدة التكثيف، محمّلة بالمعنى والمجاز، دون أن تقع في الغموض المجاني.
المرأة هنا تتحوّل إلى “صوت مسرحي”، لا إلى شخصية فقط. فكل بيتٍ شعري في المسرحية هو مشهد بصري داخلي، يعكس مأساة وجودية وأملًا متجددًا.
المرأة في مرآة أديم: كائن لغويّ وموقف وجودي
ليست الأنثى في شعر أديم مجرد موضوع أو مادة، بل هي ذات واعية، كيان لغوي يتحدث، يشتبك مع العالم، يعرّيه ويعيد خلقه. إنها كتابة موقف قبل أن تكون كتابة إحساس. كل قصيدة هي شكل من أشكال المقاومة الوجودية، سواء ضد القوالب الاجتماعية، أو ضد صمت الذات.
تُمثّل د. أديم الأنصاري — بما تمتلكه من خلفية أكاديمية، وحس شعري مرهف، وتجربة أنثوية واعية — حلقة مهمة في مسار تطور الكتابة النسائية في السعودية. إنها تكتب شعرًا لا يهادن، لكنه لا يصرخ، يعاتب، لكنه لا يُدين، يُحاور، لكنه لا يخضع.
وبين “من مثلها” و”إنني حواء”، تفتح الشاعرة بابًا جديدًا للمرأة السعودية، لا لتقف خلفه، بل لتعبر منه نحو أفق يليق بها: أن تكون ذاتًا كاملة، ناطقة، وشاعرة.
في دواوينها مثل “من مثلها” و”ما أدراك ما الرجل؟!”، تُسلط الأنصاري الضوء على قضايا المرأة السعودية، مستعرضةً رحلتها في مواجهة التحديات الاجتماعية والثقافية. من خلال قصائدها، تُبرز القوة الداخلية للمرأة، وتُجسّد صراعها بين التقاليد والطموحات الشخصية.
🎓 الأكاديمية والشاعرة: توظيف التراث لخدمة الحاضر
في أطروحتها للدكتوراه بعنوان “توظيف الشخصيات التراثية في المسرح الشعري العربي”، تستعرض الأنصاري كيف يمكن للتراث أن يُستخدم كأداة لفهم الحاضر. من خلال تحليلها للشخصيات التراثية، تُظهر كيف يمكن للمرأة السعودية أن تستلهم من الماضي لتشكيل مستقبلها.
🌟 صوتٌ نسائيٌ في المحافل الثقافية
شاركت الأنصاري في العديد من الفعاليات الثقافية، مثل أمسية “وهج الأنثى شعراً ونقداً” التي أُقيمت في تبوك، حيث تناولت نماذج من شعر المرأة في مختلف العصور، مُسلطةً الضوء على الإبداع الأنثوي في الأدب. كما شاركت في منتدى الثلاثاء الثقافي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، حيث ناقشت إبداعات المرأة السعودية في مختلف أجناس الأدب، مُشيرةً إلى التحديات التي واجهتها المرأة في مسيرتها الأدبية.
🏆 تكريمات وإسهامات
حصلت الأنصاري على جائزة الإبداع الأدبي من جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل عام 2022، تقديراً لإسهاماتها في إثراء المشهد الأدبي السعودي. كما شاركت في تحكيم العديد من المسابقات الشعرية، مُسهمةً في دعم المواهب الأدبية الناشئة.
من خلال أعمالها الأدبية ومشاركاتها الثقافية، تُجسّد الأنصاري نموذجاً للمرأة السعودية المُبدعة، التي تُعبّر عن قضاياها وتُسهم في إثراء المشهد الثقافي والأدبي في المملكة.
سيرة ذاتية مختصرة
د. أديم بنت ناصر الأنصاري
-أستاذ مساعد في قسم الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن .
-حاصلة على الدكتوراة في الأدب والنقد منجامعة الملك سعود عام 2021 م بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف.
-حاصلة على الماجستير في البلاغة والنقد من جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف.
-عضو مجلس إدارة جمعية أدب الطفل وثقافته ، وعضو جمعية الأدب المهنية ، وعضو نادي المنطقة الشرقية الأدبي ، وجمعية الثقافة والفنون بالدمام، ونادي وسم الثقافي.
– منسقة برنامج اللغة العربية لمدة ثلاث سنوات سابقا في جامعة حفر الباطن ، وعضو في تطوير برامج القسم .
-مدرب معتمد من كلية كينجستون البريطانية في البحرين من عام ٢٠١٦ .
– لها عدة إصدارات أدبية : من مثلها (ديوان شعر) ، وما أدراك ما الرجل (ديوان شعر) ، سندسباد (سرد) ، القطران (مسرحية شعرية ) ، إنني حواء ( ديوان شعر ) .
– شاركت في تحكيم العديد من المسابقات الشعرية على مستوى إدارة تعليم المنطقة الشرقية وجامعة حفر الباطن.
-حاصلة على جائزة الإبداع الأدبي من جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل عام 2022 م .
– أقامت حوالي خمسين فعالية أدبية وثقافية داخل المملكة العربية السعودية وخارجها .