No Widgets found in the Sidebar

كورطابل: تجربة فريدة في صناعة المحتوى الصوتي

“تجربتي مع البودكاست وتحديدًا مع مختبر كورطابل غيّرت الكثير من شخصيتي، فقد تحّولت من شخصية منطوية وإلى شخصية اجتماعية أكثر…”، هكذا وصفت هبة بن روحه، فتاة تونسية وطالبة جامعية تجربتها في صناعة البودكاست مع مشروع كورطابل.

 

انطلق مشروع “كورطابل” وهو مبادرة شبابية تونسية عام 2022 كمختبر لصناعة البودكاست والبرامج الرقمية، يعمل على توفير مساحات للشباب للتعبير عن التحديات الاجتماعية التي يوجهونها، ويركز على رفع الوعي بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية من خلال إنتاج البودكاست، ويسعى إلى معالجة مواضيع غالبًا ما لا يتوفر لها مساحة لمناقشتها كالبطالة، الفقر، والتهميش الاجتماعي، مما يمكّن الشباب من إبداء آرائهم والمساهمة في تطوير مجتمعاتهم عبر الوسائط الرقمية.

بدأ المشروع كرؤية وأصبح حقيقة مع فريق من خمس نساء يعملن على مشاريع إعلامية تقوم على صناعة القصص الرقمية، وتقديم مجموعة من التدريبات لمجموعة من الطلبة الجامعيين والأطفال واليافعين حول إعداد البودكسات وإنتاج المحتويات الرقمية، وتساعد الشركات الإعلامية الناشئة على النمو في العالم الرقمي.

 

ثورة وتوسّع كبير في الانتاجات الرقمية الصوتية

 

أظهرت إحصائيات عام 2023 التي وردت في موقع Statista أن هناك نحو 464.7 مليون مستمع للبودكاست حول العالم، ويُتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 504.9 مليون في عام 2024. أما في العالم العربي، أظهرت دراسة قامت بها منصة Amaeya Media المختصة بالبث الصوتي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 2020، أن نسبة مستمعي البودكاست قد زادت بنسبة 55% بين عامي 2019 و2020، مع تزايد الاهتمام بالبرامج التعليمية والثقافية والترفيهية المسموعة.

ووفقًا لموقع Khris Digital، وهو مصدر يقدم إحصائيات محدثة حول سوق البودكاست، ينمو سوق البودكاست بشكل ملحوظ ويوجد حاليًا أكثر من 4 ملايين بودكاست في جميع أنحاء العالم. وتشير الخبيرة أليسون فايسبورد وهي متخصصة في الإنتاج الإعلامي الرقمي، إلى أن التكلفة المنخفضة لإنشاء البودكاست مقارنة بالفيديو جعلته خيارًا مثاليًا للعديد من المبدعين.

وقد جذبت سهولة الإنتاج العديد من المؤسسات الإعلامية وحتى الأفراد للاستثمار في هذا النوع من المحتوى للاستفادة من الفرصة المتنامية بسرعة. ولا تقتصر فوائد هذا الاستثمار على الجوانب المالية، إذ يتم أيضًا الاستعانة بالبودكاست لمعالجة القضايا الإنسانية والاجتماعية الملحة.

“كورطابل” تعلنها: البودكاست للجميع!

في هذا الإطار، قدّم مشروع “كورطابل” تدريبات لفئات عمرية مختلفة، 40 طالبًا جامعيًا و20 طفلًا، حيث تمحورت هذه تدريبات حول كيفية إعداد البودكاست وصناعة “اللّوجوهات” أو ما يعرف بالـ Graphic Design بشكلٍ مبسّط، وفق مؤسسة مشروع “كورطابل” سيرين العبيدي و مديرة المشاريع “كورطابل” آمنة الجبالي.

 

وأضافت العبيدي أنه “من خلال تمكين الشباب واليافعين من إنتاج محتوى بودكاست باستخدام هواتفهم المحمولة، توفر المبادرة وصولاً غير مسبوق إلى منصات جديدة وتعمل على كسر الحواجز التكنولوجية والاجتماعية”.

كما ويركز المشروع على تبسيط المفاهيم في مختلف المجالات كالتسويق وريادة الأعمال والبيئة وغيرها من المواضيع. وحاليًا يعمل “كورطابل” على بودكاست بدعم من مركز التوجيه التابع لشبكة الصحفيين الدوليين، حيث يستضيف رائدات ورواد مشاريع إعلامية بيئية ناشئة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لعرض أبرز المعارف حول الصحافة البيئية، وريادة المشاريع الإعلامية البيئية، والفرص المتاحة في هذا المجال، بالإضافة إلى الصحة النفسية للعاملين بمجال الصحافة البيئية.

البودكاست التونسي في مواجهة مع العوائق القانونية والتمويلية

يعاني قطاع البودكاست في تونس من مشكال عدّة تعيق تطوره، ولعل أبرزها ضعف البنية التحتية الرقمية، خاصة في المناطق النائية، مما يصعّب الوصول إلى الإنترنت السريع والمعدات اللازمة للإنتاج.

 

وبالإضافة إلى ذلك، يواجه صنّاع البودكاست نقصًا في التمويل والدعم المالي، مما يحد من قدرتهم على تطوير المحتوى. كما أن هناك صعوبة في جذب جمهور واسع، نظرًا لنقص التوعية حول هذا النوع من الوسائط مقارنة بالإعلام التقليدي، فضلًا عن غياب نموذج أعمال ربحية واضح، مما يجعل تحقيق عائد مادي مستدام تحديًا كبيرًا، مما يؤدي إلى تدخل المستثمرين أو الممولين بشكل غير مباشر ويؤثر في جودة المادة الإعلامية المقدّمة.

وفي هذا الإطار أكّدت العبيدي أنه على الرغم من كل هذه الجهود المبذولة من قبل المؤسسين والمشرفين على هذا مختبر “كورطابل” الرقمي إلّا أنه يبقى رهينة التعقيدات المتعلقة بالقوانين المرتبطة بالشركات الناشئة في تونس التي تصعّب الإجراءات الإدارية والتمويلية.

ولكن على الرغم من كل هذه التحديات، ساهم مشروع “كورطابل” فيجعل المدونات الصوتية، وهي وسيلة مرنة وسهلة المنال، أداة فعّالة لعرض ومناقشة القضايا الاجتماعية والاقتصادية الملحة، وفتح الباب أمام جيل جديد من المنتجين الرقميين، عبر تمكينهم من تحويل الأفكار البسيطة إلى محادثات مجتمعية مؤثرة تصل إلى جمهور واسع.

ومع تزايد الاهتمام بالبودكاست في تونس، ساعد “كورطابل” في تشكيل مستقبل وسائل الإعلام البديلة، حيث تتيح التكنولوجيا بناء جسور للتغيير الاجتماعي الإيجابي، مما يعزز دور الشباب في صياغة خطابات جديدة تتجاوز وسائل الإعلام التقليدية وتصل للمجتمع التونسي بمختلف فئاته.

تم إعداد هذا التقرير ضمن تدريب إقليمي حول “الصحافة البناءة”، تنظمه مؤسسة مهارات والبرنامج الأوروبي EU Neighbours South، في إطار مبادرة Media Connect.